الأخلاق والتكنولوجيات الجديدة(البيواطيقا)

{besps}galerie photos Bioethic{/besps}

 

نظم مخبر الدراسات الفلسفية و الاِكسيولوجية في 23 ماي 2012 بجامعة الجزائر2 يوماً دراسيًا بعنوان " الأخلاق والتكنولوجيات الجديدة(البيواطيقا Bioéthique)". و الذي أشرف عليه مدير المخبر الدكتور عبد المجيد دهوم و الدكتورة فتيحة زرداوي. شارك فيه أساتذة من قسم الفلسفة جامعة الجزائر2 وأساتذة من جامعة منتوري قسنطينة

ذكرت د/فتيحة زرداوي في كلمتها الافتتاحية أنه إذا كانت التكنولوجية الحيوية إحدى المظاهر الحاسمة للتقدم التقني الذي يشهده عصرنا فإنّ ثمّة سؤالاً ينفتح على أفق فلسفي لا يقل أهمية عن السؤال الأخلاقي المتعلق بالعقلانية الموازية للتقدم التقني التي تفتحه الثورة البيوتقنية في أفق الألفية الثالثة، و هذا السؤال يرتبط مباشرة بصيرورة الكائن المعاصر الذي يعيش تحت تأثير قوة جبارة تدعى التقنية، فما توصل إليه طب الحديث اليوم نوع من التقدم التكنولوجي ، إذ يحاول الكثير من العلماء ابتكار طرق جديدة و متطورة في علاج المرضى سواء بتقنيات العمليات الجراحية أو باكتشاف أدوية جديدة، فهدف العلوم الطبية اليوم هو محاولة تحرير الإنسان من عبوديات عديدة مرتبطة بالطبيعة أو الصدفة، ومع إمكان قراءة الجينوم البشري و تقدم فحوص ما قبل الولادة و التلاعب بالرصيد الجيني و زرع الأعضاء و إعادة زرع الأعضاء و الأنسجة، أصبحت جميع الأمور التي كانت تخرج من سيطرة الطب ممكنة ووضعت المجتمع أمام خيارات أخلاقية صعبة

ومن جهته الدكتور محمد جديدي من جامعة قسنطينة، فقد أشار في مداخلته حول حقل البيواطيقا إلى أنّ هذه الأخيرة تشكل اليوم حقلاً خصبًا لتقدم الدراسات الفلسفية الأتيقي، و هي أيضًا متضمنة لأبعاد أخرى اجتماعية سياسية و أنطولوجية و جمالية، لا محيد من اقتحامها و الانخراط فيها من زاوية التقدم العلمي و التقني الحاصل في مجالات البحوث الطبية و البيولوجية. كما ذكر أن الدرس البيوإطيقي الراهن يتقدم بمقاربات شتى تبدو متناقضة و متصارعة ولكنها ضرورية لفتح نقاش جاد إزاء مستجدات النتائج المسجلة على صعيد البحث في علوم الحياة و الطب، التي لم تعد الأخلاق التقليدية تستجيب لها. لذلك فإن اعتبرنا معضلات الأوتانازيا (موت الرحيم) و الإخصاب الاصطناعي و التعديل الجيني و تحسن النسل و مفهوم الشخص و الكرامة الإنسانية - من منظور بيوإطيقي واسع- مشكلات خاصة و استثنائية أو أنّها بعيدة عن واقعنا و مجتمعنا فإنّنا واهمون و مخطئون بل و إنّ وهمنا يزداد إن لم يلفت صوب هذا الحقل الذي يمثل مادة خام للبحث الفلسفي المتجدد بمساءلته النقدية المستمرة حول الوجود و المعرفة و القيمة، و هو رهان قوي للفلسفة لكي تقترب من أشكال التغيير البشري علمًا و فنًا و دينًا و نساهم ضمن محادثة ثرية تكون ضمنها عنصرًا دينامكيًا و شريكًا ناجعًا في تنمية الفرد الفاعل و المجتمع المتجانس و ليس مجرد تأمل و تصور يتأنى بتعاليه عن مشاكل الإنسان الأنية و المستقبلية

 وعن الدكتورة رشيد دحدوح من جامعة قسنطينة فقد أشار في مداخلته إلى علاقة البيواطيقا Bioéthique بالابستومولوجيا المعاصرة كون كليهما يعبر عن وعي فلسفي ناتج عن عمق الممارسة العلمية و التفكير العلمي – فالبيوإطيقا كانت تعبيرًا عن المخاوف و الآجال التي حملتها معها التطورات العلمية و التقنية و البحثية في مجال البيوطبية Biomédicale، و هي بذلك ترجمة لأزمة الوعي الأخلاقي الغربي المعاصر الذي سببه التصور الآلي الميكانيكي للطب و الذي هيمن على الممارسة الطبية منذ "ديكارت" و تكرس تدريجيًا مع "كلود برناد" ثمّ "إمنويل كانط" الذي عمق الشرح بين العقل المعرفية و العقل الأخلاقي. و أخيرًا "أوغست كونت" الذي اعتبر العلم خطابًا Discours و أرجع التقنية إلى مجرد عمل تقني ثانوي، و هذا الأمر أنتج العديد من المشاكل في ضوء التطورات و الأبحاث البيولوجية

أمّا مداخلة الدكتورة نورة بوحناش من جامعة قسنطينة فدارت حول التحولات الأنطولوجية و التداعيات الأخلاقية في مفهوم الشخص مقاربة بيوإطقية. ذكرت الأستاذة أنّ الثورة التكنولوجية هي أهم حدث ميّز الأزمنة الحديثة و ما بعد الحديثة، إذ حمّلت هذه الثورة الإنسانية نحو التحول التدريجي (من الطبيعي إلى الصناعي)، و مكّنت من تأسيس فضاء آخر للتجاوز الإنساني، كما خلخلت اليقينيات التي سلمت بها الإنسانية طويلاً. فالأمر يتعلق بتحول في التصور الأنطولوجي للإنسان، وكذا إمكانات المغايرة التي أمدّت بها الوسائل التطبيقية في ميدان علم الجينات كثورة كوبرنيكية أحدثت المفاجآت في أواخر القرن المنصرم

تغطية: د.ف. زرداوي/ ل. أوهيب